ولد القائد الأوزبكي تيمور المشهور باسم تيمورلنك في إحدى القرى التابعة لمدينة “كش” الواقعة حالياً جنوب منطقة سمرقند بأوزبكستان ، وقد كان اسمه في البداية تيمور التي تعني “الحديد” باللغة الأوزبكية ، ولكن بعد أن أصيب بجروح بإحدى المعارك أضيف لاسمه كلمة “لنك” التي تعني الأعرج ، وقد اشتهر هذا القائد العسكري بعد قيامه بغزوات عسكرية شرسة ، احتل فيها مجتمعات كاملة وقتل فيها الكثير من المدنيين الأبرياء .
نشأة تيمورلنك وبداية ظهوره :
عاش في صغره في قبيلة “البرلاس” التي ينتمي إليها بينما تعود أصول والدته لجنكيز خان ، وتدرب على فنون القتال والصيد منذ صباه ، فأصبح فارس لا يشق له غبار متقناً لاستخدام السيف ورمي السهام ، وقد تعرف على السيد بركة فاعتنق الإسلام على يديه ، وقد كان لهذا الرجل دور كبير في تشجيع تيمور على حروبه وبالخصوص ضد تقتمش خان ، وقد كان له في حياته العديد من الزوجات ومنهن : ( سراي ملك خانوم – تشولبان مالك أغا – ألجاز ترخان آغا – توكال خانوم – ديل شاد أغا – تومان آغا وغيرهن ..) .
بعد وفاة “كازغان” قام حاكم “قشغر” المسمى تغلق تيمور بإرسال ولده إلياس خواجة على رأس حملة لغزو بلاد ما وراء النهر ، وقد عينّ تيمورلنك وزيراً للحملة ، لكن سوء العلاقة بين الرجلين دفعت تيمور للانضمام الى حفيد كازغان وهو آخر أمراء تركستان واسمه حسين ، فتقرب منه وترقى في المناصب وتزوج من أخته ، وقد هاجم هذان الشخصان جيش إلياس خواجة لكنهما هزما وهربا باتجاه خراسان ثمّ فرا الى قندهار وبعدها سيستان ، ليجمعا أنصارهما وأتباعهما من جديد وتمكنا من مهاجمة قوات إلياس خواجة من جديد فهزماه وسيطرا على بلاد ما وراء النهر ، وبعد ذلك بدأ الخلاف بينهما ، فقتل تيمورلنك زوجته أخت السلطان حسين وانتصر عليه بمعركة ضاغلغا باستخدام الحيلة ، ثمّ أعلن نفسه كحاكم على سمرقند وبأنه ينوي إعادة المجد لدولة أجداده المغول ، وشكّل مجلس للشورى يضم أهم العلماء والأمراء .
غزواته وتوسعاته :
أسس تيمورلنك جيش كبير جداً اعتمد فيه على المغول بشكل كبير ، وبدأ التوسع على حساب جيرانه وسيطر على مناطق واسعة هناك ، واستفاد من اضطراب الأوضاع في خراسان فأرسل ابنه الذي سيطر على كامل اقليم خراسان وأفغانستان و مازندران ثمّ سيطر على أذربيجان ، وقد هاجمت جيوشه اقليم أصفهان الذي بلغ عدد قتلاه ما يقارب 70 ألف ، فأمر تيمورلنك بإقامة عدة مآذن من جماجمهم .
ثار أهل أذربيجان على حكمه سنة 1388 م ، فتوقف لفترة عن توسعاته ودخل البلاد من جديد ودمرها وأحلّ بها الخراب ، لدرجة انه لم يبقى فيها أحد من سكانها واستمرت خالية ومهدمة حتى عام 1391 م عندما امر تيمور بإعادة إعمارها .
ثارت معظم المناطق الإيرانية ضد حكمه فانشغل خمس سنوات في قمع ثوراتها ، واتجه بعد ذلك للعراق فساد الخراب في ( البصرة وبغداد وواسط والكوفة وباقي المدن العراقية ) ، وأكمل غزواته التخريبية باتجاه ديار بكر وأرمينيا وجورجيا ، وقد كان ينوي مهاجمة بلاد الشام قبل أن يتراجع عندما سمع بأن الملك الظاهر برقوق خرج من مصر بجيش جرار لمواجهته .
استغل تيمورلنك الضعف الذي أصاب الهند فاتجه ابن الستين عام لغزوها فاحتل دلهي ودمرها وخربها ، وقد احتاجت هذه المدينة لمائة وخمسين عاماً للتخلص من آثار هذا الغزو المدمر ، ثمّ توجه في حملة السنوات السبع ليعاقب المماليك والسلطان العثماني ، فاكتسح الكثير من المناطق التي دمرها وسبى نساءها وقتل الآلاف من الاهالي ، واحتل حلب التي سقط فيها اكثر من 20 ألف قتيل و300 ألف اسير ، ليواصل تدميره باتجاه حماة والسلمية ودمشق التي أحرقها لثلاثة أيام فلم يبقى إلا أطلالها ، فأسر أهم علمائها وصناعها واصطحبهم رفقته ، ثمّ دمرّ بعلبك وطرابلس ليعود الى حلب ويحرقها من جديد ، ومنها الى بغداد التي دمرها وحرقها وقتل الآلاف من سكانها ، وقد أجبر كل مناصريه بإحضار رأسين من رؤوس سكان بغداد ، ويعتقد أن بغداد فقدت 100 ألف من سكانها قتلاً أو حرقاً أو غرقاً وذلك خلال يوم واحد .
لم ينتهي شغف تيمورلنك بالقتل واحتلال البلدان عند هذا الحد ، بل اتجه الى آسيا الصغرى وهاجم الاناضول وسيواس ، وخاض معركة انقرة عام 1402 م وهزم الجيش العثماني الذي مات سلطانه من الهم ، فعاد تيمورلنك باتجاه الصين كي يغزوها ، ولقد كان الجو بارد للغاية فنصحه الأطباء أن لا يستمر بالحملة لكنه استمر فيها ، وعانى جيشه من الثلوج والبرد ، أما تيمورلنك فقد أصيب بالحمى التي أودت بحياته عام 1405 م ليدفن في سمرقند .
إقرا ايضاً : مصطفى كمال أتاتورك – قصة حياة أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة
أكتب تعليقك ورأيك