أخبار وتحليلات

مستقبل غزة في ظل الخطط الإسرائيلية والتحديات الإقليمية

مستقبل غزة
مستقبل غزة

مستقبل غزة في ظل الخطط الإسرائيلية والتحديات الإقليمية

بعد أكثر من عام على الحرب في غزة وما خلفته من دمار شامل واغتيال لقادة بارزين في حماس، تطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل القطاع. كيف يخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإعادة هيكلة القطاع؟ وما الذي تبقى من حماس بعد الضربات المتتالية؟ هذه الأسئلة تفتح باب النقاش حول سيناريوهات المستقبل بين تصور متشائم وآخر حالم، وسط واقع إقليمي معقد.


التصورات المستقبلية لغزة: بين مقديشو وسنغافورة

مستقبل غزة

مستقبل غزة

وفقًا للخطط الإسرائيلية، هناك رؤيتان رئيسيتان لمستقبل غزة:

  1. سيناريو مقديشو: قطاع غارق في الفوضى، الفقر، والعنف، ليصبح شبيهًا بالعاصمة الصومالية التي تعاني من انهيار مستمر منذ عقود.
  2. سيناريو دبي أو سنغافورة: قطاع مزدهر ومزود بمرافق متطورة، ليكون مركزًا تجاريًا حديثًا ضمن شرق أوسط جديد تقوده إسرائيل بدعم أمريكي.

الرؤية الإسرائيلية تقوم على خطط لإعادة إعمار القطاع، مثل خطة “غزة 2035: من الأزمة إلى الرخاء”، التي تسربت تفاصيلها من مكتب نتنياهو. لكن تحقيق هذه الرؤية يعتمد على القضاء على المقاومة الفلسطينية وإعادة صياغة الواقع الأمني والسياسي في المنطقة.


مراحل خطة “غزة 2035”

تنقسم الخطة إلى ثلاث مراحل رئيسية:

  1. المرحلة الأولى: المساعدات الإنسانية
    • بعد انتهاء الحرب، ستُنشئ إسرائيل “مناطق آمنة” خالية من عناصر حماس تُدار بواسطة فلسطينيين تحت إشراف تحالف عربي يشمل دولًا مثل الإمارات، مصر، البحرين، والأردن.
    • هذه المرحلة تستمر لعام، يتم خلالها تقديم مساعدات إنسانية مع ضمان سيطرة إسرائيلية على الأمن.
  2. المرحلة الثانية: إعادة الإعمار
    • تستمر من خمس إلى عشر سنوات، تتضمن إنشاء هيئة دولية لإعادة إعمار غزة بتمويل خليجي وأوروبي.
    • تشمل هذه المرحلة أيضًا تنفيذ “خطة مارشال لغزة”، بهدف جذب استثمارات دولية لإعادة البناء، مع التركيز على مكافحة “التطرف” ونزع سلاح المقاومة.
  3. المرحلة الثالثة: الحكم الذاتي
    • يتم نقل السلطة تدريجيًا إلى حكومة محلية في غزة، أو حكومة فلسطينية موحدة، بشرط نجاح المرحلتين السابقتين.
    • تتضمن هذه المرحلة اتفاقات تطبيع مع إسرائيل، مع احتفاظ الأخيرة بالسيطرة الأمنية على القطاع.

التحديات التمويلية: من يمول إعمار غزة؟

تُقدّر تكلفة إعادة الإعمار بمليارات الدولارات. تشير تقارير إلى أن دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات، قد تكون من أبرز الممولين. بالإضافة إلى ذلك، تسعى إسرائيل لاستغلال احتياطيات الغاز الطبيعي المكتشفة في القطاع لتمويل إعادة الإعمار.

لكن التساؤلات تبقى حول جدية هذه الخطط، خاصة في ظل انعدام الثقة بين الأطراف المعنية واستمرار النزاع المسلح في المنطقة.


خطط إسرائيل لتغيير الواقع الديموغرافي والأمني

تعمل إسرائيل بشكل ممنهج على تغيير الواقع الديموغرافي والأمني في القطاع:

  • تهجير سكان شمال غزة: بهدف إنشاء منطقة عازلة وإعادة استيطان المناطق الشمالية.
  • تطويق الجنوب: من خلال السيطرة على محور “فيلادلفيا” وإنشاء نقاط عسكرية، مما يحول القطاع إلى منطقة مغلقة.

يهدف هذا التهجير إلى تقليل الكثافة السكانية في القطاع، مما يسهل تنفيذ خطط إعادة الإعمار واستغلال الموارد.


المقاومة الفلسطينية: عائق أمام تحقيق الخطط

جميع التصورات الإسرائيلية تعتمد على القضاء الكامل على المقاومة الفلسطينية. يشمل ذلك تدمير حماس ومنع تهريب الأسلحة. لكن المقاومة، رغم الضربات، لا تزال تشكل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الرؤية الإسرائيلية، مما يجعل مستقبل القطاع أكثر تعقيدًا.


الخاتمة: بين الواقع والطموح

في ظل الاحتلال الإسرائيلي واستمرار المقاومة، يبدو أن تحويل غزة إلى دبي أو سنغافورة حلم بعيد المنال. الأقرب إلى الواقع، كما يراه مراقبون، هو استمرار معاناة القطاع ليصبح شبيهًا بمقديشو، وسط تحديات مالية وأمنية وسياسية.

يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع المقاومة الفلسطينية الصمود أمام هذه المخططات؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

أكتب تعليقك ورأيك