ولد الشاعر الراحل تيسير سبول في مدينة الطفيلة بجنوب الأردن سنة 1939 ، وقد كان الابن الأصغر لعائلة متوسطة الحال تضمه مع أربعة أشقاء ، بينما كان والده يعمل بالزراعة دون ان يمنعه ذلك من السعي لتعليم أبنائه في الجامعات .
من هو تيسير سبول ؟
كان تيسير سبول انساناً ذكياً سريع البديهة يمتلك إحساساً مرهفاً ، وقد كان متفوقاً جداً في دراسته مما جعل اساتذته يهتمون به كثيراً بالنسبة لزملائه ، كما أنهم توقعوا له مستقبل مهم وزاهر ، وبالفعل فقد تفوق كثيراً أثناء دراسته المرحلة المتوسطة ـ واستمر بتفوقه بالمرحلة الثانوية التي درسها بمدينة الزرقاء ، وذلك على الرغم من الأجواء النفسية السيئة التي كان يمر بها بسبب سجن شقيقه نتيجة آرائه السياسية ، وقد حصل نتيجة تفوقه على منحة دراسية كي يكمل دراسته بقسم الفلسفة في الجامعة الامريكية بالعاصمة اللبنانية بيروت .
كان تيسير سبول مشغولاً بقضايا الأمة العربية وبما يدور فيها من أحداث سياسية ، وهذا ما دفع هذا الطالب العروبي الى ترك الجامعة الامريكية التي لم تعجبه الدراسة فيها ، فتوجه الى العاصمة السورية دمشق لما تحمله من رمز في العروبة ، ودرس في كلية الحقوق بجامعة دمشق ، وأثناء دراسة هذا الطالب المجتهد ظهرت موهبته الشعرية أمام الجميع ، وهذا ما شجعه أكثر على زيادة ثقافته من خلال تكثيف قراءة الكتب والجرائد والمجلات الثقافية .
بعد توسع ثقافة تيسير سبول بدأت رحلته الحقيقية في عالم الشعر ، وبدأ يكتب في عدد من الدوريات والمجلات الأدبية في بيروت ودمشق ، ومنها الآداب والأديب ومجلة الثقافة ، لكن مواقفه السياسية وحساسيته المفرطة جعلت تأثره مضاعفاً بالوهن الذي يعيشه الوطن العربي وبالنكسات والهزائم المتلاحقة التي تعرض لها العرب ، مما جعله يتوقف لمدة ليست طويلة عن الكتابة .
عاد تيسير سبول الى بلده الأردن فعمل موظفاً بأكثر من مكان ، ثمّ تزوج وأنجب كل من ( صبا وعتبة ) ، ليعمل بعد ذلك بالإذاعة الأردنية ، لكن نكسة حزيران التي هزم فيها العرب من الكيان الصهيوني الذي احتل مناطق واسعة من فلسطين وسورية ولبنان ومصر والأردن خلال ستة أيام ، زعزعت كيانه وشكّلت بالنسبة الى هذا المواطن العروبي جرح عميق لا يمكن أن يندمل ، ومن تلك الأيام أعلن السبول موت الشعر بالنسبة اليه ، وعاد لقراءة التاريخ القديم لعله يستلهم منه ما يساعده على مواجهة هذا الحاضر الأسود والمستقبل المجهول والمخيف .
بعد ما حصل نتيجة حرب 6 أكتوبر / تشرين الأول 1973 ، والتي بدأت بمفاجأة عربية كبيرة للإسرائيليين وانتهت بحرب استنزاف على الجبهة السورية وإيقاف نار على الجبهة المصرية ، وما أعقب ذلك من مصالحة بين السلطة المصرية والكيان الصهيوني ولقاء بين الطرفين عند خيمة الكيلو 101 ، لم يتمكن هذا الشاعر الشاب العروبي بحساسيته المفرطة من احتمال مشهد هذا اللقاء فأصيب بانهيار نفسي ، أقدم على إثره بتاريخ 15 نوفمبر 1973 على الانتحار بطلق ناري ، لتنتهي بذلك حياة تيسير سبول وهو في الرابعة والثلاثين من عمره فقط .
إقرأ أيضاً : يان مارتل – قصة حياة مؤلف رواية حياة باي الحائز على جائزة بوكر الأدبية
[…] إقرأ أيضاً : تيسير سبول – قصة حياة الشاعر الاردني الذي دفعته الهزائ… […]