عاش بزرجمهر بن البختكان بالقرن الخامس الميلادي في الإمبراطورية الساسانية ، وقد كان حكيماً فيلسوفاً وعالماً وكاتباً ووزيراً للملك أنوشيروان ، وقد ورد اسمه بالأدب الفارسي بعدة أعمال هامة وبالخصوص في الشاهنامة ، كما تنسب له حكم وأمثال كثيرة .
بداية قصة بزرجمهر مع الملك أنوشروان :
كان أنوشروان ( المعروف كسرى) ملكاً للإمبراطورية الساسانية ، وقد ذكر في الشاهنامة أن هذا الملك رأى مناماً غريباً ، وبأنه كان بالمنام يشرب الخمر في جام مصنوع من الذهب ، وبأن خنزير كان يشرب معه من نفس الجام ، فلجأ الملك الى الموابذة كي يفسروا رؤياه لكنهم لم يتمكنوا من ذلك ، وبعد ذلك توجه الى الأشخاص الذين يثق بهم دون نتيجة ، وبعد الكثير من المحاولات لإيجاد الشخص القادر على تفسير الرؤيا ، ظهر غلام من تلامذة أحد الحكماء واسمه بزرجمهر وقال أنه يستطيع تفسير الرؤيا ، وطلب من الملك أن يبقى معه لوحدهما لأن الأمر فيه أشياء خصوصية ، وبعد أن اختلى بالملك قال له أنه يوجد ضمن جملة جواري الملك ونسائه رجل ، وبأن إحداهن تعشق هذا الغلام وتلبسه لباس الجواري على أنه فتاة ، وبالفعل فقد كان تفسير الرؤيا صحيحاً ، فاكتشف الملك الغلام وقتله مع عاشقته ، وأعجب بهذا الحكيم الشاب واستخلصه لنفسه .
ما هي قصته مع الشطرنج :
كان ملوك الأقاليم ملزمون بدفع الضرائب والهدايا لكسرى (أنوشروان ) ، وكان كسرى يعفي هؤلاء الملوك من الضريبة إذا تمكنوا من طرح مشكلة أو أمر غامض لا يستطيع حله ، وكان ملك الهند قد أرسل الكثير من الهدايا النفيسة لأنوشروان من ضمنها رقعة شطرنج ، وكان مع الهدايا رسالة بأنك إذا عرفت ما هي هذه الرقعة وجبت لك الضريبة وإلا أعفينا من الضريبة ، ولأن كسرى يعلم تماماً أن هذه الأمور تحتاج بزرجمهر لحلها ، فاستدعاه وبالفعل تمكن هذا الحكيم من معرفة حقائق الشطرنج ، مما أثار دهشة رسول ملك الهند الذي اضطر أن يدفع الضرائب .
وفاته :
كان هذا العالم والفيلسوف محبوباً لدى كل من يعرفه من رعية الملك ، وذلك بسبب رأفته بالناس وعدالته وعلمه الواسع ، وهذا ما لم يعجب بعض المنتفعين والفاسدين الذين حاربوه كثيراً ، وبعد وفاة أنوشروان وتولي كسرى الثاني الحكم في البلاد ، تمكن هؤلاء الوشاة من النيل من الوزير السابق ، فقرر كسرى الثاني إعدامه شنقاً في الساحة العامة ، على مرأى الجميع بما فيهم ابنة بزرجمهر ، ولهذه الحادثة قصيدة معبرة وجميلة جداً للشاعر الكبير مطران خليل مطران .
وفي نهاية هذا المقال ولأن لحكيمنا الكثير الكثير من الأقوال المأثورة والحكم ، نجد من الجميل أن نذكر إحدى حكم بزرجمهر المعروفة ” خير أيام المرء : ما أغاث فيه المضطر واحتسب فيه الأجر وارتهن فيه الشكر” .
إقرأ أيضاً : فرانز كافكا – قصة حياة رائد الكتابة السوداوية الذي عانى من حياة قاسية ورحل شاباً
[…] […]
[…] […]
[…] […]