ولد المفكرٌ والطبيبٌ ابن زهر الأندلسي واسمه الكامل عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان في إشبيلية بالأندلس عام 464هـ الموافق لعام 1072م، وعاش فيها حتى وفاته في عام 557هـ الموافق لعام 1162م، ويعتبر هذا الطبيب من أهم علماء زمانه ومن أعظم علماء الطفيليات بالتاريخ، حتى صنفه بعض المؤرخين كأعظم الأطباء المسلمين منذ الرازي، وقال عنه بعض من عاصره أنه أهم طبيب في البشرية منذ جالينوس حتى زمانه.
ومن الامور التي ميزت عمله قيامه بالتجارب الطبية على الحيوانات قبل اختبارها على البشر، وقد كان لاكتشافاته آثار كبير على العلوم الطبية دامت لقرون طويلة.
حياة ابن زهر الشخصية:
تعود أصول العالم الكبير الى بني زهر ذوي الأصل العربي، وتشتهر عائلته بإنجاب أجيال متعاقبة من أهم الأطباء حتى أن شقيقته وابنتيها يعتبرن من اشهر أطباء التوليد في زمانهن، كما كان من العائلة الحكام والوزراء والشعراء والفقهاء الذين خدموا الحكم في الأندلس.
تتلمذ على يد والده الطبيب أبو العلا زهر وهو في عمر مبكرة، ولأنه خرج من سلطة الحاكم علي بن يوسف بن تاشفين اضطر للهرب من إشبيلية الى مراكش التي قبض عليه فيها عام 1140م، وبعد أن تمّ غزو إشبيلية عام 1147م من سلالة الموحدية، عاد الى بلده وأكمل مسيرته في خدمة العلم حتى وفاته عام 1162م.
تميز العالم الكبير باعتدال قامته وخفة حركته ونضارة شكله فحافظ على صحته حتى وفاته، باستثناء معاناته في الفترات الاخيرة من ثقل بالسمع، ولم يذكر التاريخ شيء عن زوجة وأبناء الطبيب الأندلسي المسلم.
أهم إنجازات ابن زهر:
بعد تخرجه من جامعة قرطبة الطبية سافر الى القاهرة وبغداد واقام في كل منهما لفترات بسيطة، ليعود الى الأندلس بعد ذلك ويكرس حياته لعمله الطبي، وقد كان له عدة كتب في غاية الاهمية تمت ترجمتها الى عدة لغات، وبقيت مرجع اساسي للكثير من الاطباء حتى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، ومن هذه الكتب على سبيل المثال (كتاب الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد- كتاب الأغدية- كتاب التيسير).
قدم ابن زهر وصف دقيق عن سرطان المعدة والمري والكثير من الأمراض الأخرى، ويعتبر أول طبيب يعّرف الجرب ويقدم الادلة التي ساهمت بالتقدم العلمي لعلاجه، كما كان له تجارب أوصلت الى عمليات دقيقة على القصبات الهوائية.
تميزت حياته المهنية بطبيعته العملية فكان لا يحب التكهنات الطبية، ومن أهم إنجازات الطبيب الكبير وصفه الدقيق لالتهاب التامور الشديد الذي يصيب الكيس الغشائي الذي يحيط القلب، ووصفه للخراجات المنصفية ونجح بالكثير من العمليات الجراحية التي تخصص بها كإزالة الحصى من الكلى واستئصال الساد والعمليات الخاصة بالقصبة الهوائية، كما أنه كان من دعاة استخدام المواد المخدرة عند علاج بعض أمراض العين، ويبقى ابن زهر بكل تأكيد من أهم العلماء المسلمين الذين تركوا بصمتهم في التاريخ العلمي العالمي.
إقرأ أيضاً: ريتشارد فاينمان – قصة حياة العالم الذي يعتبر أحد أيقونات الفيزياء النظرية
[…] […]
[…] […]