القديسة بربارة قديسة من قديسات المسيحية المبكرة، عبدت الله تعالى وتخلت عن عبادة الأوثان، وظلت متمسكة بإيمانها رغم التعذيب الكبير الذي تعرضت له، واستشهدت بعد أن قام والده بقطع رأسها.
ولدت في العام 236 ميلادي في قرية جاميس التابعة لمدينة ليئوبوليس بنقوميدية في تركيا وفيها نشأت، والدها هو ديسقورس شخص غني صاحب مال وجاه كبير، وكان يكره المسيحية كرها شديدا ويعبد الأوثان بشكل كبير.
كانت القديسة بربارة بارعة الجمال، لذلك قام والدها ببناء قصر خاص بها خشية عليها من المفاتن التي كانت موجودة في عصرها، وملأ القصر بكافة وسائل التسلية والترفيه الموجودة في ذلك العصر، كما وضع فيه العديد من الأوثان، وأحضر للقصر الخدم، وأحاطه بالحراس من كل جانب.
في القصر كانت هذه القديسة تتلقى أرقى علوم عصرها، الأمر الذي دفعها للتأمل وتبحث عن خالق هذا الكون الكبير، فكانت تجلس يوميا في غرفتها تراقب النجوم والقمر، وتناجي الخالق الذي أوجد الأرض وخلق الإنسان.
وعندما رأى حالها بعض خدمها المسيحيين أشاروا إليها إلى المسيحية، ودعوها لمقابلة العلامة أوريجينوس، فأحبت أن تلتقي به وتم اللقاء، فتحدث لها عن عبادة الله الواحد، وقرأ لها الإنجيل، وحدثها عن السيد المسيح عيسى بن مريم فدخلت في المسيحية ونالت المعمودية دون علم والدها، وقررت أن تهب نفسها لله سبحانه وتعالى وتظل بتولا طاهرة طوال حياتها.
بعد أن دخلت المسيحية بفترة تقدم عدد من الشباب لخطبتها، وكانت ترفض الزواج دائما إلى أن تقدم ابن أحد أمراء المنطقة، وكان شخصا فاحش الثراء فوافق عليه والدها وأخبرها بالأمر فتهربت من الأمر بحكمة كبيرة، وكان والدها على سفر، فقرر تركها تفكر في الأمر لحين عودته من السفر، فوافقت وطلبت منه أن يبني لها حماما قبل سفره وأن يجعل في هذا الحمام نافذتين لزيادة الإضاءة، فنفذ والدها الأمر، فجعلت القديسة بربارة الحمام مكانا للصلاة وعبادة الله، فكانت تصلي وتصوم وتسهر الليالي تعبد الله.
وعندما عاد والدها وجدها وقد حطمت الأصنام، ولحظ التغيير في المنزل فسألها عن حالها، فأخبرته بأنها تؤمن بالله الواحد، فقام بتعنيفها ولكنها لم تبالِ، وحاول والدها قتلها بالسيف ففرت منه، ويقال أن الصخرة التي تعترض طريقها انشقت وسمحت لها بالمرور، ولكن والدها لم يلن قلبه حتى بعد هذه المعجزة، وظل يطاردها حتى أمسك بها ووضعها في قبو مظلم.
وبعد ذلك توجه والدها نحو الحاكم مرقيان وطلب منه تعذيب ابنته، لكن الحاكم رفض ذلك وبدأ يلاطفها، وذلك لأنه أعجب بها، وطلب منها السجود للأصنام، ولكنها رفضت، فأمر بجلدها وتعذيبها، فسالت الدماء من جسدها، وكانت صابرة تصلي، وظهر لها السيد المسيح السلام عليه في المنام فسعدت بزيارته، وقام بمعالجة جراحها، وعندما رأى الحاكم أن جراحها شفيت أمر بزيادة تعذيبها، ومن ثم أمر أن تساق عارية في الشوارع فدعت لله أن يسترها.
ومن ثم أمر الحاكم بضرب رأسها بالسيف مع القديسة يوليانة التي رأتها وبكت لحالها فوضعت معها، وتم تنفيذ الحكم في جبل خارج المدينة، وطلب والدها أن يضرب رأس ابنته بنفسه فسمح له الحاكم بذلك، لتستشهد بذلك القديسة بربارة.
وبهذا يسدل الستار على حياة البتول الطاهرة القديسة بربارة التي وهبت حياتها لعبادة الله الواحد.
إقرأ أيضاً: بابا نويل – قصة حياة بابا نويل المعروف بـ سانتا كلوز
أكتب تعليقك ورأيك