ولد مهاتير محمد بإحدى الضواحي الفقيرة لمدينة ألور ستار بتاريخ 10 يوليو 1925 ، وهو الابن الأصغر بين تسعة أخوة ، أما والده محمد بن اسكندر فيعتبر أول مدير ماليزي لمدرسة إنجليزية ، وقد كان الوضع الاقتصادي والاجتماعي للعائلة ضعيف لدرجة ان الوالد لم يستطيع تعليم جميع أبنائه التسعة .
سيرة حياة مهاتير محمد :
ظهر النبوغ على مهاتير محمد منذ ان كان طالباً فقد كان متفوقاً جداً في دراسته ، وكان الطالب الأول في مدرسته الابتدائية الذي أجاد اللغة الانجليزية ، ليحصل على منحة دراسية في إحدى المدارس الثانوية الانجليزية .
توقف التعليم في ماليزيا أثناء الاحتلال الياباني أيام الحرب العالمية الثانية ، مما اضطر مهاتير محمد الى بيع القهوة وبعض الوجبات الخفيفة لتأمين مصاريفه ، ولكنه سارع الى إكمال تعليمه بعد الحرب والتحق بكلية الملك إدوارد السابع للطب الواقعة في سنغافورة ، ليتعرف هناك على زميلته سيتي حسمه التي تزوجها لاحقاً وأنجب منها أربعة أبناء بالإضافة الى تبنيه 3 أبناء آخرين ، علماً أنه عاد بعد تخرجه الى مدينته في ماليزيا ليصبح من أهم الأطباء هناك ، مما أدى الى تحسن وضعه المادي كثيراً .
ظهرت الميول السياسية لمهاتير محمد منذ أن كان طالباً ، فساهم بتأسيس عدة صحف ومجلات طلابية ، وبعد تخرجه ترأس حزب منطقة قزح الذي يطالب بحقوق الملايو منذ عام 1959 ، كما عارض حكم رئيس الوزراء في ذلك الوقت ” تونكو عبد الرحمن ” ، ثمّ انتخب لأول مرة في البرلمان الاتحادي عام 1964 ، في فترة تعيش فيها البلاد الكثير من الصراعات السياسية التي أدت الى خسارته مقعده النيابي في انتخابات 1969 ، والتي أدت كذلك الى مواجهات عنيفة بين الصينيين والملاويين راح ضحيتها المئات من الأشخاص .
كانت مواقف مهاتير محمد السبب في طرده من الحزب ومن المجلس الأعلى للمنظمة الوطنية الماليزية ، وفي تلك الاثناء أصدر كتاب ” معضلة الملايو ” الذي أوضح فيه رؤيته السياسية للمجتمع في ماليزيا ، لكن هذا الكتاب منع من النشر حتى توليه منصب رئاسة الوزراء لأول مرة عام 1981 .
بعد استقالة عبد الرحمن وتولي عبد الرزاق حسين رئاسة الوزراء ، قام بإعادة مهاتير الى مراكزه السابقة كما عينه عام 1974 كوزير للتعليم ، بالإضافة الى فوزه من جديد بمقعد برلماني .
كان عام 1981 مفصلياً في تاريخ ماليزيا وذلك بوصول مهاتير محمد لمنصب رئيس وزراء ماليزيا ، فقد استمر هذا الرجل في منصبه لخمس دورات متتالية دامت 22 عام ، وبعد صراع مع العائلة الملكية في أول سنتين من حكمه انتزع صلاحيات واسعة لمنصب رئيس الوزراء ، وبعد ذلك شهدت البلاد تحت سلطته نهضة عمرانية ونمواً ثقافياً واقتصادياً مضطرداً في جميع المجالات ، لتتحول ماليزيا من دولة نامية فقيرة الى واحدة من دول العالم المتقدم ، وبعد أن كانت دولة زراعية تنتج وتصدر المواد الأولية تحولت الى دولة تصدر اهم الخدمات والصناعات المتطورة .
بعد تركه لمنصب رئاسة الوزراء عام 2003 قام مهاتير محمد بتأليف عدد من الكتب ، واستمر بعيداً عن السلطة حتى عام 2015 الذي شهد فضيحة بيرهاد للتطوير ، فوقف مهاتير بوجه رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق ودعا المواطنين للإطاحة بحكمه ، وأسس في عام 2017 حزب سياسي جديد ” الحزب الماليزي المتحد الأصلي ” وانضم الى تحالف “أمل ” المعارض الذي حقق انتصار تاريخي في انتخابات 2018 ، ليعود هذا السياسي الكبير الى منصب رئيس وزراء ماليزيا بتاريخ 10 مايو 2018 .
نال مهاتير محمد العديد من الأوسمة والجوائز في الكثير من المناسبات ، وكان من المرشحين لنيل جائزة نوبل للسلام لدوره في إعادة إعمار البوسنة والهرسك بعد الحرب الطاحنة التي شهدتها ، كما أن بلاده خلال فترة حكمه السابقة كانت من اهم دول منظمة عدم الانحياز ، وكان من المناهضين للسياسات الخارجية للولايات المتحدة الامريكية ، كما يبقى مهاتير محمد من أبرز الداعمين للحقوق العربية ، ومن أبرز المناهضين للكيان الصهيوني ، فقد اتهم مهاتير محمد بانه معاد للسامية لاعتباره اسرائيل دولة محتلة ومجرمة وإرهابية .
إقرأ أيضاً : الباجي قائد السبسي – قصة حياة الرئيس الرابع للجمهورية التونسية
[…] إقرأ أيضاً : مهاتير محمد – قصة حياة السياسي الذي بنى ماليزيا الحديث… […]