ولد السياسي العثماني الشهير مدحت باشا واسمه الكامل أحمد شفيق مدحت باشا في مدينة اسطنبول بتاريخ اكتوبر من عام 1822م، ويعتبره البعض سياسي إصلاحي عثماني له توجهات موالية للغرب، بينما يعتبره البعض الآخر ماسونياً معادياً للدولة العثمانية ، وقد تولى خلال حياته السياسية العديد من المناصب السياسية الرفيعة أبرزها “الصدر الاعظم” التي تعرف حالياً برئاسة الوزراء، كما أنه عيّن كوزير للعدل، وقبل ذلك تولى منصب الوالي لعدة ولايات كانت تابعة للدولة العثمانية ومنها (بغداد – دمشق – سالونيك).
حياة مدحت باشا الشخصية:
بعد ولادته في اسطنبول نشأ هذا السياسي الذي أطلق عليه لقب “أبو الأحرار” في بلغاريا التي كان والده قاضياً في بعض مناطقها، وقد ظهر على الشاب الصغير الذكاء منذ الصغر، فتعلم سريعاً الى جانب لغته التركية اللغتين العربية والفارسية، كما أنه حفظ القرآن الكريم مبكراً، ولأنه برع كذلك بالكتابة وبالخط فقد عيّن ليكون كاتب بمجلس الصدر الأعظم قبل بلوغه العشرين من عمره، ليضيف بالعشرينيات من عمره اللغة الفرنسية الى اللغات التي يتقنها.
حياة مدحت باشا السياسية:
كانت بدايته كما ذكرنا كاتب في ديوان الباب العالي، ثمّ عيّن والياً على نيش عام 1860م، فأظهر حنكته في إدارتها، ليتولى في عام 1864م ولاية الطوفة واستمر في منصبه لثلاثة أعوام، عاد بعد ذلك الى مدينة اسطنبول التي عين فيها لعام واحد بمنصب رئيس شورى الدولة.
عيّن في عام 1869م كوالٍ على بغداد واستمر في منصبه حتى عام 1872م، وقد حاول خلال فترة حكمه مد سلطة العثمانيين على بعض مناطق الخليج مما آثار حفيظة الإنجليز، لكنه تمكّن من الاتفاق مع الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني على رفع العلم العثماني على قصر الحكم بالدوحة، ليعيّن بموجب هذا الاتفاق الشيخ قاسم كقائم مقام قطر.
وفي نفس الوقت قامت ثورة على حكم مدحت باشا في بغداد عام 1869 بسبب فرضه التجنيد الإجباري لأول مرة في تاريخ البلاد، لكنه أخمد الثورة وقام بتنفيذ القرار.
مضت فترة كان أبو الأحرار على خلاف كبير مع الصدر الأعظم محمد نديم باشا الذي نقله من بغداد ليكون والي على أدرنة، وبعد فترة استطاع إقناع السلطان العثماني بعزل محمود نديم من منصبه، وان يتولى هو منصب الصدر العظم الذي عيّن فيه فعلاً في عام 1872م.
علاقته مع الماسونية:
اتهم هذا السياسي من قبل البعض بانه يهودي وبانه تآمر مع الدول الأوروبية على عزل السلطان عبد العزيز، وانه كان من الذين قاموا عام 1876م بقتله، كما قيل أن الماسونية هي من روجت له على أنه من الأبطال الذين يحملون لواء الحرية والإصلاح، وبأنها وضعت كل امكانياتها حتى وصل الى أعلى المراتب في الدولة العثمانية، ومن الأمور التي اتهم بها إفشاء أسرار الدولة العثمانية، وبأنه كان على اتفاق مع الإنجليز للتخلص من الدولة العثمانية وتطبيق النظام الإنجليزي على الدولة.
محاكمته ووفاته:
كان من المتهمين بمقتل السلطان عبد العزيز، وقد قام السلطان عبد الحميد بعد خمس سنوات من حادثة القتل بتشكيل محكمة، تمّ من خلالها محاكمة عدة اشخاص من ضمنهم مدحت باشا الذي حكم عليه بالإعدام ثمّ خفف الحكم الى المؤبد، فنفي بعد ذلك الى مدينة الطائف التي عثر عليه فيها مخنوقاً بظروف غامضة عام 1884م.
إقرأ أيضاً: جمال باشا – قصة حياة الوالي العثماني الذي قتل المثقفين العرب ولقّب السفاح
[…] […]