ولد السلطان السادس والأربعون للمماليك قانصوه الغوري واسمه الكامل الأشرف أبو النصر قانصوه من بيبردى الغوري عام 850 هـ الموافق لعام 1446 م ، وهو من أصل شركسي ومن سلاطين مماليك البرجية ، وكان مملوكاً للأشرف قايتباي الذي أعتقه وجعله من ضمن مماليكه الجمدارية، وبعد ذلك ترقى ليصبح من حرس قايتباي الخاص ، وواصل الترقي في المناصب حتى أصبح وزيراً بدولة الأشرف جنبلاط .
كيف تولى قانصوه الغوري الحكم وتثبيت أركان السلطة :
بعد أن خلع طومان باي من الحكم ، قرر زعماء المماليك أن يعينوا قانصوه الغوري كحاكم للبلاد ، وقد قرروا تولي ابن الستين عاماً الحكم لأنه لا يملك أي طموح سياسي أو طمع بالحكم ، وبالتالي فإن مسألة خلعه وتعيين بديل عنه عند الحاجة أمر سهل ، فأجلسوه على كرسي السلطنة رغم امتناعه الشديد وبكائه رفضاً للمُلك ، وعندما وجد أن استلام الحكم أمر لا مفر منه اشترط على زعماء المماليك أن لا يقتلوه وأن يبقوه على قيد الحياة عندما يقرروا خلعه ، فوافق الجميع على ذلك وتمت مبايعته في عام 906 هـ الموافق لعام 1500 م .
على عكس المتوقع استطاع قانصوه الغوري أن يبعد خصومه من أمراء المماليك ، وفرض الضرائب الباهظة على البعض منهم ليستأثر بالملك ، وقد ظهرت قدرته الكبيرة على إدارة شؤون البلاد التي تأثر اقتصادها سلبياً باكتشاف رأس الرجاء الصالح من قبل البرتغاليين ، وعلى الرغم من غضب المماليك والشعب عليه بعد رفعه الضرائب بصورة كبيرة لكنهم لم يجرؤوا على عزله ، لأنهم خافوا من أن تنعدم أجورهم مع أي سلطان جديد ، وقد أظهر خلال فترة حكمه عشقه للفن العمراني الذي ازدهر كثيراً ، فترك ثروة فنية مميزة معمارية في مصر والحجاز ودمشق وحلب .
حروب قانصوه الغوري ومقتله :
بعد اكتشاف وسيطرة البرتغاليين على طريق رأس الرجاء الصالح ، تتطلعوا للسيطرة على ممرات التجارة في البحر الأحمر كي يسيطروا على جميع طرق التجارة العالمية ، فسيطروا على الحبشة وهاجمت أساطيلهم سواحل الحجاز ومصر ، وقد غّلفوا هذه الحملات بالبعد الديني ، بعد أن أعلنوا انهم يحملون الصليب ويرغبون السيطرة على مكة والمدينة ، فقام السلطان الغوري بحماية السواحل وبناء السفن ، وبعد جهوزية السفن المصرية هاجمت السفن البرتغالية وطردتها من البحر الأحمر واستمرت بالتقدم حتى وصلت للمستعمرات البرتغالية بالهند ، وهزمت الأسطول البرتغالي في معركة شاول عام 1508 ، لكن البرتغاليين أعادوا بناء وتجميع أسطولهم وانتصروا على المماليك في معركة ديو عام 1509 ، ليكتفي المماليك بعد ذلك بالسيطرة على البحر الأحمر .
بعد قيام الدولة العثمانية وظهورها كقوة كبيرة صاعدة ، بدأت بالتوسع بداية من آسيا الصغرى حتى سيطرت في عام 1453 على القسطنطينية ، وبعد ان كانت علاقتهم مع مصر جيدة ويجمعهم التحالف ضد البرتغاليين والمغول ، بدأت الخلافات تظهر مع اقتراب القوات العثمانية من حدود سيطرة المماليك ، ومع تطور الاحداث كانت مواجهة العثمانيين أمراً لا بدّ منه ، فتقابل الجيشان بشهر أغسطس عام 1516 في معركة مرج دابق الشهيرة ، وبعد خيانة بعض قادة المماليك ومنهم ( جان برد الغزالي – القاضي يونس – خاير بك ) ، انتصر الجيش العثماني بقيادة سليم الأول على جيش المماليك بقيادة السلطان قانصوه الغوري الذي لقي حتفه بالمعركة .
إقرأ أيضاً : كافور الإخشيدي – قصة حياة حاكم الدولة الإخشيدية الذي هجاه المتنبي بأبيات قاسية
[…] […]