سياسيون

سلطان باشا الأطرش – قصة حياة قائد الثورة السورية الكبرى

سلطان باشا الأطرش
سلطان باشا الأطرش

ولد المجاهد سلطان باشا الأطرش في قرية القريا التابعة حالياً لمحافظة السويداء السورية ، وذلك بتاريخ 26 مارس 1982 ، وينتمي هذا القائد الوطني الكبير لطائفة الموحدين الدروز ، وقد كان قائد الثورة السورية الكبرى التي انطلقت عام 1925 لمواجهة الاحتلال الفرنسي .

سلطان باشا الأطرش

سلطان باشا الأطرش

حياة سلطان باشا الأطرش الشخصية :

تعتبر عائلة الأطرش من أشهر عائلات السويداء ، فوالده هو ذوقان بن مصطفى بن اسماعيل الثاني الذي أسس المشيخة الطرشانية عام 1869 ، وقد قام العثمانيون في عام 1911 بإعدام والده في إطار سعيهم لإخضاع منطقة جبل العرب لسيطرتها .

كان سلطان أكبر أشقائه وقد تزوج من ابنة عمه غازية الأطرش منذ أن كان في التاسعة عشرة من عمره ، لكنها توفيت بعد مدة قصيرة قبل أن تنجب له أي ولد ، فتزوج من السيدة تركية ابنة الشيخ ابراهيم أبو فخر وأنجب منها سبعة أبناء ذكور وسبع فتيات .

مقاومة الاحتلال العثماني والاحتلال الفرنسي :

ذهب سلطان باشا الأطرش في عام 1910 للخدمة الالزامية مع العثمانيين الذين أرسلوه للقتال في منطقة البلقان ، ثمّ عاد الى بلدته في عام 1912 .

شكّل مجموعة من المقاتلين الذين حاربوا الاحتلال العثماني تحت لواء الثورة العربية الكبرى التي يقودها الشريف حسين ، وقاد عدة معارك حتى رفع علم الثورة فوق دار الحكومة بدمشق ، وقد منحه الامير فيصل رتبة باشا العسكرية فقبلها ، علماً أنه كان قد رفضها سابقاً من الأتراك الذين منحوه إياها فعلقها على رقبة كلبه ، إظهاراً لاحتقاره للمستعمر الذي قتل والده .

حاول اللحاق مع رجاله بيوسف العظمة في معركة ميسلون ، لكن المعركة حسمت قبل وصولهم ودخل الاحتلال الفرنسي الى دمشق ، لكن سلطان باشا لم يستسلم بل أكدّ أن خسارة هذه المعركة لا تعني الاستسلام للاحتلال ، وأرسل رسول الى الملك فيصل ليقنعه بالقدوم الى جبل العرب وإقامة الدولة العربية التي تقاوم المحتلين ، لكن الملك فيصل أجابه بأن الأوان قد فات .

لجأ المجاهد أدهم خنجر الى سلطان باشا الأطرش ، لكن السلطات الفرنسية اعتقلته لاتهامه بمحاولة اغتيال الجنرال غورو ، وبعد رفض الفرنسيين الإفراج عن خنجر هاجم الأطرش ورجاله القوات الفرنسية وجرت معركة “تل الحديد” التي دمرت فيها عدة آليات فرنسية وقتل العديد من الجنود الفرنسيين ، وبالتالي انطلقت ثورته الأولى عام 1922 التي استمرت لمدة تسعة أشهر ، حكم فيها على قائد الثورة بالإعدام ودمر منزله بالقريا من قبل الطائرات الفرنسية ، وبعد فشل الفرنسيين في القبض عليه فاوضوه وأصدروا عفواً عنه وعن مجموعته كي لا تمتد ثورته أكثر من ذلك .

الثورة السورية الكبرى :

انطلقت في شهر تموز 1925 بمعركة الكفر التي قضي فيها على حملة فرنسية كبيرة ، ثمّ أعلنت الثورة ببيان تاريخي أصدره سلطان باشا الأطرش ، طالب فيه بوحدة البلاد وتحريرها ، فالتف حوله عدد كبير جداً واختير كقائد عام لجيوش الثورة الوطنية .

انتصر الثوار في معركة المزرعة على حملة فرنسية كبيرة ، وكان لهذا الانتصار آثار هائلة في بلاد الشام حتى وصل صداه الى أوروبا ، مما ساعد المقاومة على الانتشار بكافة أنحاء سورية ولبنان ، فجرت معارك كثيرة ضد الاحتلال الفرنسي ، الذي اضطر بعد هزائمه المتتالية الى جلب قوات جديدة والقيام بحملات متتالية ، مما اجبر الثوار بقيادة سلطان باشا الأطرش الى التراجع باتجاه شرق الأردن ، لكن الاحتلال الإنجليزي لم يسمح لهم بالبقاء هناك ، فانتقلوا الى شمال السعودية ثمّ الى منطقة الكرك الأردنية ، وبعد رفضه تسليم السلاح حكم عليه مرة اخرى بالإعدام .

على الرغم من فشل كل محاولاته بجلب عون للثورة ، ظلً قائد الثورة السورية الكبرى مؤمناً بقضيته ولم يستسلم ، واستطاع عقد مؤتمر وادي السرحان في عام 1929 ، وقد دعي إليه الثوار والوطنيين السوريين واللبنانيين ، وكان قرار المؤتمر الاستمرار بالمقاومة ورفض الاحتلال .

مواقفه السياسية بعد الثورة :

عارض الحكام الدكتاتورين الذين استلموا الحكم في سورية بعد جلاء الفرنسيين ، وقد وصل الأمر بالرئيس السوري أديب الشيشكلي أن يرسل حملة عسكرية الى جبل العرب أودت بحياة أكثر من 100 شخص ، مما اضطر سلطان باشا بالنزوح مرة أخرى الى الأردن حتى نهاية حكم الشيشكلي ثمّ عاد باستقبالات شعبية كبيرة .

كان قائد السورية الكبرى من الداعمين للوحدة مع مصر عام 1958 ، وجمعه لقاء ودي مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، كما أنه كان داعماً للثوار في فلسطين .

وفاته :

توفي بتاريخ 26 آذار / مارس 1982 ، فأقيمت له جنازة مهيبة حضرها أكثر من نصف مليون شخص ، وكان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد من ضمن الحضور ، فحمل نعش الراحل الكبير على عربة مدفع وحلقت طائرة مروحية بالنعش فوق مواقع المعارك التي خاضها ضد الاحتلال ، ثمّ دفن في بلدته القريا .

أطلق اسم سلطان باشا الأطرش على أكبر ساحة في محافظة السويداء ، وأقيم له صرح تذكاري مقابل منزله في القريا .

إقرأ أيضاً : هيثم بن طارق آل سعيد – قصة حياة السلطان العاشر في سلطنة عمان

أكتب تعليقك ورأيك