ولد السيد حسن نصر الله واسمه الكامل حسن بن عبد الكريم نصر الله في قرية البازورية في جنوب لبنان بتاريخ 31 آب / أغسطس لعام 1960 ، وبسبب سوء الأحوال الاقتصادية وقلة فرص العمل في قريته الجنوبية ، اضطرت العائلة الى الانتقال الى منطقة الكرنتينا في بيروت لتقيم هناك وقد ساعد السيد حسن وهو طفل والده في بيع الفاكهة والخضار .
درس المرحلة الابتدائية في مدرسة حي ( النجاح ) ، ليدرس بعد ذلك في مدرسة سن الفيل الرسمية ، ولتندلع في وقت لاحق الحرب الأهلية اللبنانية مما اضطر العائلة للعودة الى بلدته البازورية الجنوبية وأتمّ دراسته الثانوية في مدرسة صور الرسمية للبنين .
خلال وجوده في قريته التحق السيد حسن نصر الله بحركة أمل التي كان قد أسسها الإمام موسى الصدر ، ليرحل بعد ذلك الى مدينة النجف في العراق ويتعلم فيها العلوم الدينية على يد كبار علماء الشيعة هناك .
وفي النجف تعرف على السيد عباس الموسوي وتشكلت بينهما صداقة قوية كان لها أثر كبير عليه وعلى المنطقة ككل ، حيث ساهم كلاهما بعد ذلك بسنوات في تأسيس حزب الله اللبناني في عام 1982 .
وبسبب الظروف السياسية في العراق وتضييق حزب البعث العراقي على مختلف الطلبة الدينين ، عاد السيد حسن الى لبنان ليلتحق بحوزة بعلبك وليتابع حياته العلمية كطالب وكمعلم ، واستمر في العمل المقاوم مع حركة أمل ، ولما يتمتع به من صفات فقد وصل الى مركز مندوب الحركة في البقاع وهو ما زال في العشرين من عمره .
وقد تزوج من السيدة فاطمة ياسين منذ عام 1978وله منها كل من : محمد هادي ( الذي استشهد لاحقا ) ومحمد جواد وزينب ومحمد علي ومحمد مهدي .
الحياة السياسية
كان للاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 تأثير كبير على السيد حسن نتيجة الخلاف الذي جرى في صفوف حركة أمل بين تيار يقوده نبيه بري الذي يرغب الانضمام الى ( جبهة الانقاذ الوطني ) ، وتيار متدين من أعضائه السيدان عباس الموسوي وحسن نصر الله ، وقد تفاقم الخلاف ليترك التيار المتدين حركة أمل ويشكلون نواة ما سمي بعد ذلك حزب الله اللبناني .
في أولى أيام ولادة الحزب لم يكن السيد حسن عضوا في قيادة الحزب لصغر عمره الذي لم يتجاوز حينها 22 عام ، ولتكون مسؤوليته في المراحل الأولى منحصرة على انشاء الخلايا العسكرية وتعبئة الشباب المقاوم للاحتلال الاسرائيلي ، وتسلم بعد ذلك منصب نائب مسؤول منطقة بيروت لحزب الله ، وتوالت مسؤولياته بالصعود داخل صفوف التنظيم ليصبح المسؤول التنفيذي العام المكلف بأن يطبق قرارات مجلس شورى الحزب .
ثمّ غادر بيروت الى مدينة قم في ايران ليتابع دروسه الدينية ، ولكن تطور النزاعات المسلحة بين الحزب وحركة أمل اضطرته لأن يعود مجددا الى لبنان دون أن يستلم أي منصب حتى انتخاب السيد عباس الموسوي أمينا عاما للحزب ، ليعود السيد حسن عندئذ الى منصبه السابق .
بعد اغتيال العدو الاسرائيلي لأمين حزب الله عباس الموسوي عام 1992 ، تم انتخاب حسن نصر الله لتسلم مهام الأمانة العامة للحزب بالرغم من عمره الصغير ، ولكن صفاته القيادية وتأثيره في الشباب المقاوم المنضوي في صفوف الحزب كان له دور كبير في توليه المنصب ، وليكون لانتخابه أثر كبير على تثبيت وحدة الحزب بعد الضربة القوية التي تلقاها باغتيال أمينه العام السابق ، كما كان لهذا الانتخاب تأثير كبير على تاريخ لبنان والمنطقة ، وما زال السيد حسن في نفس المنصب حيث تم اعادة انتخابه لمرات متعددة .
وقد كانت الانتخابات النيابية لعام 1992 باكورة دخول حزب الله في المعترك السياسي اللبناني حيث شارك فيها وحصد بعض المقاعد النيابية ، والتي ازدادت بشكل أكبر في الانتخابات النيابية فيما بعد وشكل هؤلاء النواب ما يسمى ( كتلة الوفاء للمقاومة ) .
وقد كان لاستشهاد ولده البكر هادي في عام 1997 في احدى المعارك مع الاحتلال الاسرائيلي أثر كبير في نفسه ، لكن ذلك لم يؤثر في قوة الحزب الذي ضاعف من عملياته على الاحتلال وجيش انطوان لحد التابع للكيان الصهيوني ، مما ادى الى انسحاب الاسرائيليين وأعوانهم من معظم الأراضي اللبنانية المحتلة وكان ذلك في عام 2000 .
ليبقى النزاع المسلح مستمرا بين الطرفين وخصوصا بعد الخطاب الشهير في مدينة بنت جبيل الذي وصف فيه السيد حسن ما يسمى دولة اسرائيل ( ببيت العنكبوت ) ودعا الاسرائيليين للإفراج عن الاسرى اللبنانيين المحتجزين لديها وللانسحاب من باقي الأراضي اللبنانية ، وقد تجلى هذا النزاع في الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان في عام 2006 والتي كان لها دور كبير في تغيير وجه المنطقة ، هذه الحرب التي جاءت بعد الزلزال السياسي الذي حصل في لبنان عام 2005 باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ، والذي كان له تبعات كثيرة منها خروج القوات السورية من لبنان ، ولتتشكل المحكمة الدولية والتي اتهمت عناصر من حزب الله بالاغتيال بعد ان كانت تتهم الدولة السورية في البداية ، لكن الحزب لم يعترف بهذه المحكمة واعتبرها مسيسة وأداة بيد الولايات المتحدة واسرائيل ، وليخرج السيد حسن في مؤتمره الصحفي الشهير ويقدم أدلة الحزب على تورط الاحتلال الاسرائيلي بالاغتيال .
ثم أتت الحرب على سورية عام 2011 لتشكل مفصلا حقيقيا في تاريخ المنطقة وحزب الله ، الذي اختار الوقوف الى جانب الدولة السورية ومشاركة مقاتليه في المعارك الدائرة فيها معللا ذلك بأسباب كثيرة ، اﻷمر الذي اعتبره الكثيرون تدخلا غير مبررا .
هذا ويعتبر السيد حسن نصر الله من أكثر خمسين شخصية تأثيرا في العالم الاسلامي ، وفق المركز الملكي للبحوث الاسلامية في الاردن ، وقد كان له تأثير كبير جدا على الشباب العربي الذي حمل صوره في العديد من الدول العربية وخصوصا عام 2006 ، ليأتي التدخل في سورية ليؤثر في وجهة نظر الكثيرين تجاه حزب الله عموما والسيد حسن خصوصا .
إقرأ أيضاً: سليم الحص – قصة حياة رئيس الوزراء اللبناني السابق
أكتب تعليقك ورأيك