وهو الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني ويرجع بنسبه بعد آل ثاني الى المعاضيد من آل ريس من بني تميم ، وقد ولد في الدوحة عام 1813 م ويقال أن ولادته ربما كانت عام 1826 م ، تولى المسؤولية بشكل كامل في قطر عام 1876 م ، عندما منحه العثمانيون لقب قائم مقام نائب الحاكم .
أعماله :
يعتبر الشيخ جاسم بن محمد المؤسس الحقيقي للدولة القطرية ، فهو صاحب الفضل الأكبر في تأسيس دولة قطر الحديثة ، وقد كان من كبار رجال السياسة حيث عمل نائبا لوالده حاكم قطر الشيخ محمد ، مما ساعده على اكتساب دراية وخبرة كبيرتين في مجال العمل السياسي ، وقد عمل جاهدا لتكون قطر بلدا مستقلا واحدا ، ففي ظل زعامته بدأت قطر تظهر ككيان عضوي موحد ومستقل .
ساهمت سياسة الشيخ جاسم في عمل توازن للاعتراف باستقلال الدولة القطرية من قبل القوى الكبرى بالمنطقة في ذلك الحين ، وهما الدولة العثمانية وانكلترا ، مما جعل شعبيته تزداد وتلمع نجوميته مستغلا حكمته وعقله وحنكته السياسية ، فقد تمكن من توحيد القبائل القطرية ويجمع شتاتها لتكون تحت سلطته ، فتوسعت أعمال البلاد نشطت أعمال الغوص فيها كما أصبح لها ميناء تجاري بحري لتوزيع البضائع وتصديرها ، وبذلك ازداد عدد السكان وتنوعت الأعمال وتوسعت البلد ونشط العمران فيها .
بعد دخول القوات العثمانية الى الاحساء طلب الشيخ جاسم منهم حمايته من أي اعتداء أو خطر خارجي ، وقد وافق المتصرف مدحت باشا على ذلك وعين الشيخ جاسم قائم مقام على قطر وتحركت قوات كبيرة لحمايتها ، مما أثار غضب البريطانيين فدخلوا في صراع معه بشكل شبه دائم ، ومنعوا قواته من أن تتوسع باتجاه السواحل العمانية جنوبا .
ولكن في نفس الوقت زادت قوة العثمانيين في قطر فعينوا مسؤولين عثمانيين ، كما عينوا اداريين في الدوحة والوكرة والزيارة وخور العديد ، وقاموا بإنشاء جمارك في الدوحة مع تعزيز للحامية العثمانية فيها ، كل هذه الاعمال أدت الى خلافات مع الشيخ جاسم لتنشب الحرب بينهما في شهر آذار / مارس عام 1893 م ، وقد وقعت المعركة في ” الوجبة ” الواقعة غربي الدوحة بمسافة 15 كيلو متر ، وتمكن الشيخ جاسم من الحاق الهزيمة بالعثمانيين في تلك المعركة التي اعتبرت من العلامات البارزة في تاريخ دولة قطر القديمة .
وقد عمل الشيخ جاسم خلال فترة حكمه على نشر العدل والأمن في البلاد التي شهدت في عهده رخاء ونهضة كبيرتين وتطورا شاملا في جميع نواحي الحياة ، وقد ظهر هذا الازدهار والتطور بشكل واضح وجلي في تجارة اللؤلؤ ، لتصبح قطر في تلك الفترة من أكبر وأهم المصدرين والمتعاملين فيه على مستوى العالم بأسره .
كما كان الشيخ جاسم من المهتمين بشكل كبير بانتشار العلم والثقافة ، مما ساعد على انتشار الكتب وازدهار طباعتها في عهده .
وفاته :
توفي مؤسس دولة قطر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني في 17 يوليو عام 1913 م ودفن في مقبرة الوسيل ، بعد أن كانت حياته حافلة بالكثير من العطاء اللامحدود والانجازات المهمة للغاية .
وتحتفل دولة قطر في 18 ديسمبر من كل سنة بيومها الوطني ، وهو اليوم الذي تولى فيه الشيخ جاسم الحكم في بلاده ، وقد تمّ تحديد تاريخ هذا اليوم بالذات تكريما للشيخ الراحل وتقديرا لدوره في تاريخ قطر الحديث .
إقرأ أيضاً: خوان بونثي دي ليون – قصة حياة الباحث عن ينبوع الشباب
أكتب تعليقك ورأيك