سليمان نجيب – قصة حياة سليمان نجيب الفنان المثقف
اشتهر الفنان الراحل سليمان نجيب في الوسط الفني بـ”الفنان المثقف” نظرًا إلى طبيعته الأرستقراطية وتمكّنه من اللغات الأجنبية ومبادئ البروتوكول منذ الصغر، وهو ما ظهر جليًّا في أعماله الفنية؛ فقد نجح في نقل صورة حياته الواقعية إلى شاشة السينما وجسَّد أدوار الباشا النبيل ببراعة كبيرة وصبغ عليها لونًا كوميديًّا راقيًّا ميّز مشواره الفني القصير.
ولد سليمان في 21 حزيران/يونيو العام 1892 لأسرة مرموقة اجتماعيًّا فوالده الأديب مصطفى نجيب وشقيق والدته أحمد زيوار باشا، وقد التحق بالمدارس الأجنبية في القاهرة وتخرج في كلية الحقوق، لكنه لم يحب الاشتغال بالمحاماة وعشقه للفن جعله ينضمّ إلى جماعة أنصار التمثيل وفرقتي عبدالرحمن رشدي والشيخ سلامة حجازي المسرحيتين.
عائلة الفنان المصري سخطت على سلوكه وأجبرته على ترك الفن والعمل بالسلك الدبلوماسي، فالتحق بالقنصلية المصرية في تركيا وشغل وظائف حكومية رفيعة في وزارتي العدل والأوقاف.
ولم يستأنف نشاطه الفني إلا بعد رحيل والدته، فظهر في 40 مسرحية وشارك في السينما منذ مطلع الثلاثينات وحتى منتصف الخمسينات بأكثر من 50 عملًا مثل “لعبة الست” مع نجيب الريحاني و”غزل البنات” مع ليلى مراد و”الآنسة حنفي” مع إسماعيل ياسين، واشتهر بأعماله الكوميدية مع محمد فوزي مثل (الآنسة ماما) و (الزوجة السابعة) و (يا حلاوة الحب) و (نهاية قصة) و (ورد الغرام)، بالإضافة إلى ظهوره مع كوكب الشرق أم كلثوم في “دنانير” و”عايدة” و”فاطمة”، وفي العام 1955 قدم ثلاثة أفلام دفعة واحدة هي “أحلام الربيع” مع كمال الشناوي و”تار بايت” مع كارم محمود و”أماني العمر” مع سعد عبدالوهاب.
كان نجيب يقدم حديث السهرة في الإذاعة المصرية وأنعم عليه ملك مصر فاروق الأول برُتبة البكوية وعيَّنه رئيسًا لدار الأوبرا الملكية العام 1938 كأول مواطن مصري يشغل هذا المنصب؛ إذ كان مقتصرًا على الأجانب لاسيما البريطانيين، وشهدت الأوبرا في عصره تقدمًا كبيرًا، وفي أعقاب ثورة تموز/يوليو 1952 أحيل إلى التقاعد في العام ذاته ولكن حكومة الثورة قررت مدّ فترة عمله لمدة عامين آخرين تقديرًا لجهوده.
أحد الكتّاب اتهم الفنان المصري بأنه من أشد المخلصين لـ الملك فاروق وأحد أنصار “العهد البائد” فلم يعلق على تلك الأقاويل وفضَّل الاستقالة قبل نهاية العام الأول وأعلن قراره لقادة مجلس قيادة الثورة خلال أحد الحفلات، واختار بعد ذلك أن يعمل سكرتيرًا لنادي الفرسان المصري أو ما كان يُعرف بـ”الجوكي كلوب” بحُكم عشقه الشديد للخيل والرهانات عليها، وقبل وفاته في 18 كانون الثاني/يناير العام 1955 عن عمر يناهز 62 عامًا أوصى لدار الأوبرا بثروته كافة؛ لأنه لم يكن متزوجًا.
أكتب تعليقك ورأيك