ولد جوزيف ستالين في مدينة غوري بتاريخ 18 ديسمبر 1878 ، لعائلة فقيرة حيث أن والده ويدعى فيسارو كان يعمل إسكافياً ووالدته التي تدعى إيكاترينا تعمل كفلاحة ، وحيث أن ستالين كان الطفل الثالث للعائلة التي توفي طفلاها الأولين بسبب الأمراض ، فقد رغبت والدته أن يصبح ولدها كاهنا لتظهر شكرها لله ، وقد أرسلته فعلا الى المدرسة المسيحية الارثوذكسية وهو في 11 من عمره ، لكنه طرد منها في عام 1899 لأنه لم يكن يحضر الاختبارات في أوقاتها المحددة ، وبعد فترة وصلت اليه كتب فلاديمير لينين فقرأها وأعجب بها وقرر أن يصبح ثوريا .
بعد ذلك توظف جوزيف ستالين في مرصد الأرصاد الجوية في مدينة تفليس وعمل كاتبا فيها ، ولقلة الأجور قام بتحريض العمال ونظم الاضرابات والتظاهرات التي قادها بنفسه ، وعندما حاولت الشرطة القيصرية الروسية اعتقاله كما فعلت مع رفاقه ، استطاع الهرب وبدأ يكتب المقالات في احدى الصحف الثورية واسمها ( الراديكالي ) .
في عام 1902 عمل ستالين في مصفاة لتكرير النفط في باتومي مملوكة من احدى العائلات الثرية ، وقد اندلع فيها حريق في احد الأيام وكان له دور مهم في اخماد الحريق ، وعندما رغب مديره مكافأته رفض ستالين ذلك طالبا رفع اجور العمال بدلا من ذلك ، وعند رفض طلبه عاد ستالين لينظم الاضرابات التي أدت الى اشتباكات في الطرق ، مما أدى لاعتقاله هذه المرة .
كان جوزيف ستالين يدخن ويشرب الكحول بكثرة ، يحب الصيد و البلياردو ويقرأ بنهم ، و كما أنه كان مهووسا بالسينما واعتبر الشعر من هواياته المفضلة كذلك .
انضمامه للبلاشفة :
تم نفي ستالين عام 1903 الى سيبيريا ، ولكنه هرب منها وعاد الى تفليس ، ليتعرف على عدة أشخاص في الحزب البلشفي وكان منهم كامينيف الذي سيشارك ستالين فيما بعد في الحكم بعد وفاة لينين ، وبعد اندلاع الثورة الروسية عام 1905 قاد ستالين احدى الفرق المسلحة للبلاشفة كي يحموا مقر الحزب في جورجيا ، كما قاموا بمهاجمة دوريات الحرس التابعة للقيصر .
وليشارك عام 1905في المؤتمر البلشفي كذلك ، ثمّ عاد والتقى لينين ( الذي كان معجبا بقوة شخصيته وعبقرتيه ) في عام 1906 .
انتقل جوزيف ستالين لمدينة سان بطرسبرغ عام 1912 وانشأ فيها جريدة البرافدا الاسبوعية المختصة بأمور الحزب ، وقام بالكثير من النشاطات التي جعلت لينين يعجب به وقد سافرا سويا الى فيينا ، كما عاد ستالين وانقذ حياة لينين بعد وساعده على الهرب الى فنلندا ، ليعود ويقود الفرق البلشفية في عام 1917 عندما استطاع البلاشفة الاستيلاء على السلطة .
حياته في السلطة :
وصل ستالين في عام 1922 لمنصب سكرتير الحزب ، وبعد وفاة لينين عام 1924 تألفت حكومة من كل ( ستالين وكامينيف ، وزينوفيف ، وفي خلال هذه الفترة ترك ستالين فكرة الثورة الشيوعية العالمية لصالح فكرة الاشتراكية المحلية ، ونتج عن ذلك عدة خلافات أدت فيما بعد الى تغلب ستالين غلى شريكيه بعد مساعدته من التيار اليميني للحزب ، وليتم طرد شريكيه في الحكم من الحزب عام 1927 .
وقد كان لوصول ستالين الى السلطة عام 1929 تأثيرا كبيرا في تطوير الاتحاد السوفيتي صناعيا الذي نما بشكل كبير ومطرد في عهده ، وفي المجال الزراعي فرض الزراعة التعاونية التي قضى من خلالها على الاقطاعيين وتمكن من خلال هذه السياسة على ايصال الاتحاد السوفيتي الى الاكتفاء الذاتي ، وقد أقام ستالين احتفالا كبيرا عام 1939 كرم فيه الفلاحين على هذا الانجاز .
وقد بنى جوزيف ستالين الجيش الأحمر السوفيتي وقام بتصفية الضباط المشكوك في ولائهم والمتخاذلين منهم خوفا من تعرضه للخيانة في حملاته العسكرية التي نفذها بين عامي 1937 – 1941 ، ومنها حروبه مع اليابان التي انتصر فيها انتصارا حاسما ، كما قام بغزو فنلندا التي كانت مناهضة للشيوعية وانتهت بتنازل فنلندا عن 11 % من أراضيها ما قبل الحرب بالإضافة الى 30 % من اصولها الاقتصادية وتعهدت بوقف كل نشاط لها ضد الشيوعية ، كما هاجم بولندا واستعاد الاراضي السوفيتية التي كانت تحتلها وضم شرق بولندا الى اراضيه .
الحرب العالمية الثانية :
اتفق جوزيف ستالين مع هتلر على توقيع معاهدة عدم اعتداء بين البلدين ، لكن تمّ خرق هذه المعاهدة من قبل هتلر فقد هاجمت القوات الالمانية الاراضي السوفيتية بشكل فاجئ ستالين ، وتسببت عدم جاهزية الجيش الاحمر الى خسارته حوالي 4 ملايين جندي حتى نهاية عام 1941 ، من ضمنهم ابن ستالين الذي كان اسيرا لدى القوات الالمانية ، كما تمّ تدمير سلاح الجو للجيش السوفيتي .
وقد وصل الجيش النازي الى ما يقارب 20 ميلا من الكرملين ، مما جعل الكثير من الشائعات تخرج عن دخول الالمان لموسكو وهروب ستالين ، مما اضطر ستالين الى أن يخرج مخاطبا الشعب ورافعا من معنويات جيشه قائلا ( لنجعل الراية الحمراء ترفرف فوق رؤوسهم تحت راية لينين ونحو الانتصار ) ، وقد كانت لدى ستالين معلومات أن النازيين قد استنزفوا الكثير من طاقاتهم وسيخسرون بكل تأكيد ، ولذلك أمر أهالي القرى بحرق قراهم قبل مغادرتها حتى لا يستفيد منها الألمان ، وطالب الجيش الأحمر بالصمود حتى الشتاء ، وبالفعل بعد استبسال السوفييت حل الشتاء قبل احتلال موسكو ، وبعد معاناة النازيين بشكل كبير من البرد الروسي القارس هاجمهم ستالين عن طريق الجيش السيبيري الذي كبدهم خسائر كبيرة وأبعدهم عن موسكو 40 ميلا ، لتكون هذه أول خسائر هتلر في الحرب العالمية الثانية ، ليوجه هتلر اهتمامه عام 1942 للجنوب ويترك موسكو كما قام بمدح الصناعات العسكرية السوفيتية .
هذا التوجه نحو الجنوب أدى الى معركة ستالين غراد التي كانت أحد أكثر المعارك شهرة بالحرب العالمية الثانية ، لينتصر فيها السوفييت على الرغم من خسائرهم البشرية والمادية الكبيرة ، وتم أسر قائد الجيش النازي مع جيشه ، ليتحول الجيش الأحمر بحلول عام 1943 من وضع الدفاع الى الهجوم .
علما أن الالمان كانوا قد جهزوا جيشا كبيرا من 52 ألف جندي و2700 دبابة للانتقام من الجيش الاحمر في كورسك ، ولتجري هناك أكبر معركة دبابات في التاريخ حيث استطاع ستالين مواجهتهم من خلال 5500 دبابة مما فاجئ الجيش الالماني الذي لم يتوقع امتلاك الجيش الأحمر لهذا العدد من الدبابات وقد خسر الألمان في هذه المعركة 2000 دبابة و700 طائرة و200 الف جندي بين جريح وقتيل ، ليتحول الموقف لصالح السوفييت بشكل نهائي وتوالت انتصاراتهم بعد ذلك وبدأوا الزحف تجاه برلين ، ليصلوا في منتصف عام 1944 الى حدود المانيا الشرقية ولتخسر ألمانيا ما يقارب مليون جندي بين جريح وقتيل وأسير .
وقد وصل السوفييت الى برلين عام 1945 لينتحر هتلر وحبيبته ايفا ، ويدخل الجيش الأحمر قصر الرايخ ، لكن بالرغم من الانتصار الحاسم الذي حققوه فقد خسر السوفييت في الحرب العالمية الثانية ما يقارب 28 مليون شخص منهم 10 ملايين عسكري بالإضافة لانهيار البنية التحتية والاقتصاد .
ما بعد الحرب العالمية الثانية :
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945 اجتمع جوزيف ستالين مع الرئيس الاميركي روزفلت ورئيس وزراء بريطانيا تشرشل في منتجع يالطا ، وكان هدف الاجتماع تقاسم مناطق النفوذ فكانت دول أوروبا الشرقية أحد مناطق النفوذ للشيوعية التي اصبح لها شعبية كبيرة هناك ، واصبحت كل دول اوروبا الشرقية دولا شيوعية ، وانقسم العالم بمعظمه بين المعسكرين الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي وضم الصين ودول اوروبا الشرقية وبعض الدول الأخرى ، والغربي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية ودول اوروبا الغربية وبعض الدول الأخرى .
ليبقى الهم الاكبر لستالين بعد الحرب امتلاك القنبلة الذرية بالإضافة الى النهوض بالبلاد واعادة ما دمرته الحرب ، وقد استطاع العلماء السوفييت بالفعل التوصل الى صناعة القنبلة الذرية عام 1949
وفاته :
تناقضت الروايات بشكل كبير حول السبب الحقيقي لموت جوزيف ستالين وهل كانت وفاته طبيعية أم تم قتله بشكل متعمد ، ففي 3 مارس من عام 1953 وخلال العشاء الذي جمع ستالين بوزير الداخلية وخروتشوف وآخرون ساءت الحالة الصحية لستالين ومات بعد ذلك بأربعة أيام ، وذكرت المصادر الرسمية ان سبب الوفاة هو تعرضه لجلطة دماغية .
إقرأ أيضاً: رونالد ريغان – قصة حياة الرئيس الأربعون للولايات المتحدة الاميركية
[…] […]